الجواب:
أولا: يطلق الحسن والقبح على ثلاثة إطلاقات:
1) الحسن بمعنى ملاءمة الطبع، والقبح بمعنى عدم ملا ءمته، كقولك: إنقاذ الغريق حسن، وأخذ الأموال ظلما قبيح.
2) الحسن بمعنى صفة الكمال، مثل حسن الصدق، والقبح بمعنى صفة الذم، مثل قبح الكذب.
فالعقل في هذين يدرك في الأفعال حسنا وقبحا بلا خلاف.
3) الحسن بمعنى ترتب المدح على الفعل عاجلا والثواب عليه آجلا، والقبح بمعنى ترتب الذم عليه عاجلا والعقاب آجلا.
وهذا الأخير فقط هو محل النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة.
فالأشاعرة يقولون: العقل لا يدرك حسنا ولا قبحا بهذا المعنى الأخير، والمعتزلة يثبتونه في الأفعال عقلا.
ثانيا: كيف يكون رأي الماتريدية وسط بين رأي الأشاعرة و المعتزلة؟
جوابه: يمكن أن يقال ليس رأي الماتريدية وسطا بين رأي الأشاعرة و المعتزلة، وإنما هو موافق لرأي الأشاعرة، ولم يخالفوهم إلا في مسألة وجوب معرفة الله بالعقل.
فالأشاعرة قالوا بعدم وجوبها بالعقل، والماتريدية قالوا بوجوبها بالعقل دون بقية الأحكام.
ولكن يمكن أن يقال أيضا: هو وسط بين رأي الأشاعرة و المعتزلة وذلك على هذا التفصيل:
1) الأشاعرة: قالوا لا تجب معرفة الله ولا سائر الأحكام بالعقل.
2) المعتزلة قالوا: معرفة الله وسائر الأحكام وجبت بالعقل.
3) جاء رأي الماتريدية وسطا فقالوا: معرفة الله فقط وجبت بالعقل، وأما بقية الأحكام فلا تجب بالعقل.
ولهذا يمكن أن يقال: هو وسط بين الرأيين.
ولكن ينبه الى إلى أن الماتريدية يقولون بوجوب معرفة الله بالعقل ليس بناء على التحسين العقلي الذي يقول به المعتزلة، وإنما لأن العقل يدرك معرفة الله تعالى استقلالا لوضوحها.
بينما المعتزلة يضيفون الأحكام إلى العقل استقلالا ويرون أن الأحكام كلها وجبت بالعقل.
فلهذا قلنا فيما سبق يمكن أن لا يعتبر رأي الماتريدية وسطا بين الرأيين، وإنما هو مثل رأي الأشاعرة وخالفوهم فقط في مسألة معرفة الله تعالى. والله أعلم.
أولا: يطلق الحسن والقبح على ثلاثة إطلاقات:
1) الحسن بمعنى ملاءمة الطبع، والقبح بمعنى عدم ملا ءمته، كقولك: إنقاذ الغريق حسن، وأخذ الأموال ظلما قبيح.
2) الحسن بمعنى صفة الكمال، مثل حسن الصدق، والقبح بمعنى صفة الذم، مثل قبح الكذب.
فالعقل في هذين يدرك في الأفعال حسنا وقبحا بلا خلاف.
3) الحسن بمعنى ترتب المدح على الفعل عاجلا والثواب عليه آجلا، والقبح بمعنى ترتب الذم عليه عاجلا والعقاب آجلا.
وهذا الأخير فقط هو محل النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة.
فالأشاعرة يقولون: العقل لا يدرك حسنا ولا قبحا بهذا المعنى الأخير، والمعتزلة يثبتونه في الأفعال عقلا.
ثانيا: كيف يكون رأي الماتريدية وسط بين رأي الأشاعرة و المعتزلة؟
جوابه: يمكن أن يقال ليس رأي الماتريدية وسطا بين رأي الأشاعرة و المعتزلة، وإنما هو موافق لرأي الأشاعرة، ولم يخالفوهم إلا في مسألة وجوب معرفة الله بالعقل.
فالأشاعرة قالوا بعدم وجوبها بالعقل، والماتريدية قالوا بوجوبها بالعقل دون بقية الأحكام.
ولكن يمكن أن يقال أيضا: هو وسط بين رأي الأشاعرة و المعتزلة وذلك على هذا التفصيل:
1) الأشاعرة: قالوا لا تجب معرفة الله ولا سائر الأحكام بالعقل.
2) المعتزلة قالوا: معرفة الله وسائر الأحكام وجبت بالعقل.
3) جاء رأي الماتريدية وسطا فقالوا: معرفة الله فقط وجبت بالعقل، وأما بقية الأحكام فلا تجب بالعقل.
ولهذا يمكن أن يقال: هو وسط بين الرأيين.
ولكن ينبه الى إلى أن الماتريدية يقولون بوجوب معرفة الله بالعقل ليس بناء على التحسين العقلي الذي يقول به المعتزلة، وإنما لأن العقل يدرك معرفة الله تعالى استقلالا لوضوحها.
بينما المعتزلة يضيفون الأحكام إلى العقل استقلالا ويرون أن الأحكام كلها وجبت بالعقل.
فلهذا قلنا فيما سبق يمكن أن لا يعتبر رأي الماتريدية وسطا بين الرأيين، وإنما هو مثل رأي الأشاعرة وخالفوهم فقط في مسألة معرفة الله تعالى. والله أعلم.